نتائج البحث

الزمن السينمائي ـ الثورة ـ الحرب

12/02/2016

  لا بد أنني مدين للتكنولوجيا التي منحتني القدرة على استخدام كاميرا ديجيتال. الكاميرا التي تقلّص حجمي كما لو أنها اكسير يسهّل انتقالي بين العوالم الداخلية للإنسان وتعريته في عالم سحري يبدو فيه كل شيئ معقول ولا معقول. علبة الزمن التي تنجو من أعتى الصواريخ والطائرات، وتستطيع حفظ ما لا نستطيع حفظه. منحتني تلك الآلة المغوية قدرة استثنائية لعبور الحدود والجدران الدفاعية التي يضعها الإنسان في مواجهة الإنسان. وبهذا المعنى ربما تكون الكاميرا الباحث النفسي الأخطر في العالم. لم أستطع قبل الثورة التمييز بين مفهومين فلسفيين للزمن الذي نعيشه: "الزمن السينمائي" و"الزمن التلفزيوني" إذا صح التعبير، على اعتبار أنهما الوسيلتين الأكثر تأثيراً... المزيد

الكاميرا والسموبال

11/06/2015

  سقطت السماء، مزقت الشفرات الصدئة طبقات الهواء المشبع برائحة شواء أجساد تحترق بالمدافع والنابالم. المباني المتشابكة بحراب البنادق تئنُّ في جوف الليل البهيم، تشتعل بالصراخ المتواصل لأناس لا سبيل لديهم للحياة سوى تمزيق بعضهم البعض.  كانت السماء تهوي مع سقوط البرميل. المسافة بينه وبين الرشاش والأجساد اليانعة أقل من المسافة التي تفصل العدسة (٥٠) الموضوعة في الحقيبة عن العدسة (٥٥) الموضوعة على الكاميرا. سبعة ثوان يحتاجها البرميل للسقوط كما أحتاج لتغير العدسة ١٠ ثوان، فالعدسة الضيقة ذات الفتحة الواسعة، تتيح للضوء الدخول أكثر واشباع التفاصيل على الوجوه الحالمة في إغماضتها على رغبة النجاة. ماذا لو سقط البرميل علينا؟ ماذا لو بقيت الكاميرا... المزيد

سيجارة - كاميرا - مضاد طيران

23/04/2015

  في ذلك اليوم، بعيد الظهيرة، وبينما كنت في طريقي إلى "بسطة" الدخان: طاولة صغيرة، كرسي،  بضع "بواكيت" من الدخان من نوعين أو ثلاثة كلها مفتوحة - لأنها تباع بالواحدة -  رنت السماء. إنه الصفير الذي أصبح يولّد منعكساً عصبياً، يشلّ كل شيء حتى الزمن، بجرعة هائلة من الأدرينالين دفعة واحدة. إنه صفير الطائرة حين تغير، بشكل أدق، هو صفير الطائرة حين تغير، وتدرك بالحدس، أنك داخل دائرة الاستهداف المباشر. يتوقف الزمن في الأفلام عند هذه هي اللحظة ويرى البطل شريط حياته في ثانية، لكنك في الواقع لا تسترجع شيئا، بل تمتص المحيط بعينيك. تمتص كل التفاصيل في المكان، التفاصيل التي لم... المزيد

مغمض العينيين بلا قلق

26/10/2014

  مغمض العينيين بلا قلق   جوبر-الغوطة الشرقية، بقلم سعيد البطل لموقع بدايات   كدت أسقط من السيارة! كنا جالسين في الصندوق الخلفي لسيارة نقل صغيرة (بيك أب)، نحن الثلاثة وحلتان كبيرتان جداً مملوأتان بالأرز المطبوخ. كان السائق في العشرينات من عمره يقود السيارة كأنه مقبل على خط النهاية في سباق “رالي”، كلما اقتربنا من اللافتة المكتوب عليها (مدخل جوبر الوحيد). وهذه النقطة هي الأكثر قصفاً في المنطقة، حيث لا تمر خمس دقائق دون أن تسقط قذيفة من قاسيون. لكن هذا اليوم كان مختلفاً...   كانت معركة المليحة قد وضعت أوزارها قبل بضعة أيام، بعد انقضاء أكثر من 140 يوماً من القتال المتواصل والدفاع المستميت كي... المزيد

الكتابة بالضوء

16/07/2014

فجأة، وجد السوريون أنفسهم وجهاً لوجه أمام مهمات غاية في الصعوبة والتعقيد؛ فاللحظة التاريخية التي فجرت ثورة 2011 ستنقلهم من موقع الهامش في التاريخ إلى موقع الفاعل فيه. سيختبر السوريون بعد هذا التاريخ قدرتهم على إحداث التغيير، وعلى إمكانية رواية حكايتهم الخاصة.   لم يكن للسوريين يوما من حكاية خاصة بهم.. كانوا مادة لحكايا الغير، وكان التاريخ يتمحور حول ظلال قادتهم الملتاثين بعقدة الخلود؛ وكانت سوريا في تلك الأثناء تشبه الثقب الأسود الذي ابتلع الأفراد وخصوصيتهم، وجعل من تاريخ السوريين تاريخاً يضج بالفراغ. خرج السوريون إلى الشارع شاهرين صوتهم، وكانوا يسعون إلى استعادة فردانيتهم ورغبتهم في المشاركة في نسج تفاصيل حكايتهم الخاصة لا حكاية... المزيد

الصورة لأجل الصورة

10/04/2014

 الصورة لأجل الصورة (الكثير من الصور والقليل من المصورين) 10/04/2014 ثلاثة أعوام طوال مروا بسرعة،  كان من حصيلتهم خمسة وخمسون ألفاً من الصور التي وثقت مقتل أحد عشر ألفاً من الشهداء تحت التعذيب، تم تسريبها على يد أحد المنشقين عن أجهزة النظام المخابراتية. يضاف إليها مئات الألوف من الصور لأشلاء الشهداء متناثرةً هنا وهناك، أطراف مبتورة ومشاهد لنساءٍ ثكلى وأمهات مكلومات وأطفال يبكون ..بيوتٌ هدمت ومظاهرات تجوب المدن والبلدات، تنادي بإسقاط النظام وتطالب بالحرية. هل هذه هي سوريا اليوم فقط! الإجابة ستكون منقوصة إذا ما كانت "نعم". لأنها لم تتسأل عن ماهية الصور التي استندنا على أساسها لنجيب بنعم أو  لا. ما هو مصدرها... المزيد

ملك الرقعة

24/03/2014

ملك الرقعة (عن الأسئلة التي تأتي لتواجه المرء في المناطق المحاصرة) 24/03/2014 لم تعد الأسئلة التي تواجه المرء هذه الأيام  داخل المناطق المحاصرة بذلك العمق، بمعنى أن الأسئلة باتت أكثر قرباً للتفاصيل اليومية منها للأسئلة الوجودية الشاملة. فبات سؤال كـ "ماذا سنأكل اليوم؟" أكثر إلحاحاً وجدلاً للفرد من الأسئلة المتعلقة بمستقبل البلد أو بمستقبل الثورة. إن دوامة الحياة السريعة والبطيئة في آن معاً،  لم تعد تترك للفرد، أيا كانت درجة وعيه، إلا مجالاً يزداد ضيقاً يوماً بعد يوم، حيث لا يتجاوز التفكير أبعد من متطلباته الآنية. فتحضير ابريق من الشاي أو العثور على رغيف خبز مثلاً يستغرق من الوقت الكثير، ويضيع الزمن في دوامة... المزيد

دفن الموتى بالصور

28/02/2014

دفن الموتى بالصور الصورة تصبح شاهد القبر الذي يدل على صاحبه 28/02/2014 يَلتفُ الكفن الأبيض حول الأطراف الكامدة، يُترك للميت كل الوقت كي يُودّع بقدسيةٍ نحو مثواه الأخير، ملحوداً بعناية الأهل والأصدقاء. مبجلاً ومحروساً برهبة تجعل من الوداع الأخير طقساً يمارسه الانسان في كل مرة يجد نفسه أمام ثقب الزمن، كامل الأعضاء سليم الملامح، يذهب دون نقصان نحو العالم الآخر. وعندما يسقط الجسد غيّلةً، يُنتقص "المعنى"؛ المعنى من وجود الانسان حراً كريماً في أن يموت بعد أن يفقد الجسد قدرته على ممارسة وظائفه الحيوية. وهنا يدل تشوه الجسد على أن ثمّة معنى منقوصاً في نقصانه أو تشوهه. وعدم قدرتنا على النظر لأجزائه المفقودة... المزيد

أحمل الكاميرا كحامل الدرع

30/12/2013

أحمل الكاميرا كحامل الدرع:  لا ينجو من المجزرة، إلا من مات. 30/12/2013 بعيداً في الماضي الضبابي أذكر جيداً شعوراً دافئاً انتابني حين أمسكت بكاميرا التصوير الفوتوغرافي لأول مرة. كأني رأيت حينها نبوءة أنه ذات يوم سأستعمل هذه الأداة لحد الاستنزاف. حملتها كحامل صولجان الحكم حينها، أما اليوم فأحمل الكاميرا كحامل الدرع ... أذكر تماماً متى قمت بذلك حرفياً للمرة الأولى وكيف احتفظت بتلك الحالة إلى الآن. نسيت الكثير من التواريخ والأحداث لكن ذلك اليوم حفر في الذاكرة السادس والعشرين من شهر حزيران ٢٠١٢. في نهاية يوم طويل ومتعب ساقتني قدماي - مسيرا غير مخير- إلى الساحة التي سبقتني إليها جثث ضحايا المجزرة.  لم يكن من... المزيد

في عيني رصاصة رأيتُ من أطلقها - بقلم روجيه عوطة

01/09/2012

وقف الشاب وسط مجموعة كبيرة من الطلبة مسجلاً بكاميراه اندلاع الربيع الباريسي، وملتقطاً آثار الإنتفاضة على وجوه المحتجّين الذين غصّت بهم شوارع العاصمة الفرنسية في أيار 1968. لم ينتبه الطالب في المعهد العالي للدراسات السينمائية إلى أن لحظات الإنتفاضة التي التقطها بعدسته لم تُحفظ في فيلم لأنه نسي وضع شريط تسجيلي في الكاميرا.   هذه الحادثة، التي حصلت مع المخرج عمر أميرالاي يوم كان طالباً في باريس، لم تحرمه من الاحتفاظ بمشاهد انتفاضة 68 الطالبية التي حاول أرشفتها. فقد سُجلت في ذاكرته، وظلت ترخي بظلالها على فنه ورأيه التمردي، سياسةً واجتماعاً، حتى موته في شباط 2011، قبل شهر من اندلاع ثورة الكرامة... المزيد